بقلم / أ. شادي طلعت .. إلى القدر الذي لا أعلم عنه شيئآ !

لا يوجد إنسان لا يخاف مهما كانت قوته و ليس معنى أن البعض يضع نفسه أمام القضبان دون أن يخشى تقطع أوصاله في حال مرور القطار أنه لا يخاف فقد لا يخشى القطار و لكن من الممكن أنه يخشى أشياء أخرى فنقاط الضعف للإنسان مختلفة و قد تكون متغيرة فما يخيف اليوم قد لا يخيف الغد ! إن الإنسان مهما عظمت قوته و شجاعته كأن يكون محاربآ في ميدان القتال يتقدم الجنود ساعيآ إلى الموت أو الإنتصار فإنه يجد سعادة فيما هو مقدم عليه فطبيعة خلقته و تكوينه تدفعه إلى هذا العمل و المخاطرة في حين أنه قد يخاف من المرتفعات ! و قد يخاف من ركوب الطائرات ! مع أن الموت واحد و إن تعددت الأسباب .
مررت في حياتي بتجارب عديدة و ها أنا ذا مشرف على الخمسة و الثلاثين عامآ و هي فترة لا أعتبرها بالقصيرة و لكنها طويلة نوعآ ما ذلك لأنني مررت بشخصيات كثيرة و لكنها متميزة مررت بشخصيات شجاعة و لكنها أيضآ لها نقاط ضعفها مررت بالعديد من الأسماء اللامعة و وجدت بعضها بسيطة جدآ و البعض الآخر لا يستحق ما هو فيه و البعض لا يستحق أكثر مما هو فيه .
تيقنت من الحياة ظالمة فالإنسان فيها تعيس مهما علا شأنه و كبر مقامه فالأصعب من الوصول إلى القمة هو الحفاظ على أطول فترة للجلوس عليها قبل السقوط الذي يعني إقتراب المنية حتى و إن طال الأجل و بكل أسف فإن الحفاظ على القمة يعنى أن تبقى تعيسآ غير مستمتع بالحياة بعيد عن ملذاتها بعيد عن جمال الدنيا و الطبيعة البشرية التي تسعى إلى الحرية في حين أن أسوار الحفاظ على القمة تقف حائلآ أمام جمال الدنيا و طبيعتها .
أين السعادة و لماذا الصراع ؟ أين الحب و لماذا الكراهية ؟ أين الحياة و لماذا الموت ؟ أين الآخرة و لماذا الحساب ؟؟؟؟
أسئلة قد تشغل أصحاب العقول قد تشغل كل باحث عن ذاته قد تشغل الخائفون من المستقبل الذي لا نعلم عنه شيئآ فالحياة و المستقبل لا يأتيان طبقآ لدراسات محسوبة منا أو خطط و إستراتيجيات وضعية فلو راجع كل منا حساباته فسيجد أن حياته و ما آلت إليه كانت وليدة الصدفة و إرادة القدر بأدق تفاصيلها و ليراجع كل منا نفسه و حياته و مسيرتها و سنعلم جميعآ أننا رهن القدر الذي يأتينا بما لا نهوى أحيانآ و قد يأتينا بأكثر مما كنا نهوى .
قد يأخذ بعضنا أكثر مما يستحقون و قد يأخذ البعض أقل مما يستحقون و يأخذ البعض ما يستحقون فعلآ و هؤلاء هم ألأكثر إقتناعآ بالقدر و ما آلو إليه و لكن هم أقل البشر القادرين على إتخاذ القرار هم البعيدون كل البعد عن الفئتين الأخريين هم من لا يعرفون إلا من هم من فئاتهم فقط و ليسوا بالشجاعة للخوض في صداقة أو عداء مع أي من الفئتين الأخريين .
هل الموت نعمة أم نقمة ؟ هل نحن محظوظون أم غير محظوظين لأن مآل الإنسان الموت ؟ هل نحن أفضل من الملائكة و الشياطين التي لا تموت ؟ هل منا من سيشعر بسعادة لو أنه لن يموت ؟
لقد تخيلت نفسي مكان أصحاب الكهف ذات مرة و أنني إستيقظت من نومي فوجدت أن الزمان قد مر منه ثلاثمائة عام و تسع أخريات و وجدت نفسي أبحث عن أهلي و عن إخوتي و أصدقائي فإذا بي أعلم أنهم قد أصبحوا في خبر كان ! و إذ بي أجد أجيالآ جديدة لا تعترف بي أو بثقافتي ! لا تعترف بي و لا بالعصر الذي أتيت منه ! و وجدت نفسي أبحث عن الموت شغفآ فالحياة مع البشرية المختلفة عني لن أقوى على إحتمالها حتى إن سايرتها و عشت معها فسأكون كلي حنين إلى البشرية التي نشأت و عشت فيها !

لا أعلم لماذا كتبت المقال و لا أعلم لماذا ذهبت إلى هذا المنحنى الخطير و قد أعلم و لكنني لا أستطيع البوح بما أعلم .. هل لأني خائف أم شجاع ؟ هل لأني أهوى الموت أم الحياة ؟ هل لأني ظالم أم ساعي للخير ؟
في النهاية
أطلب من الله أن يكون القدر لطيفآ بي غير قاس أطلب من الله الحماية و أعلم أن الواجب على أن أدافع عن نفسي لا أن أستكين كما أني أطلب من الله أن أتخلص من كل نقاط ضعفي .